الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. سِحْرُ الموجى  عابرٌ للزمن !!

كلمة و 1 / 2.. سِحْرُ الموجى  عابرٌ للزمن !!

كان الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب شديد التقدير بأهم وأشطر تلاميذه، أقصد طبعًا الموسيقار الكبير محمد الموجى، كان يرى فى إبداعه الملحن كما ينبغى أن يكون، لم يكن «الموجى» صورة على أى نحو من أستاذه، ولهذا كان موسيقار الأجيال يضعه فى تلك المكانة الاستثنائية. 



«الموجى» هو الأغزر بين كل ملحنى جيله؛ قدّم 1800 لحنًا، يجيد كل الأنماط الموسيقية؛ الأغنية الفردية والثنائية (الدويتو) و(الجماعية)، بكل الأطياف وطني ورومانسى وعاطفى واجتماعى، حتى فوازير نيللى وشريهان شارك أيضا فى تلحينها.

كان شغوفًا بتقديم المطربين الجُدُد وأنشأ مَدرسة تحمل اسم (الموجى) فى مكتبه بشارع الشورابى، ودفع بالفعل للساحة الفنية بعَدد من المطربين والمطربات تباينت حظوظهم فى النجاح، مثل محرم فؤاد وماهر العطار وعبداللطيف التلبانى وشريفة فاضل ومها صبرى وأحمد سامى وأميرة سالم وهانى شاكر، وغيرهم.

«الموجى» أقامت له هيئة الترفيه الخميس الماضى بالرياض ليلة لا تُنسَى وضع خطوطها (أبوناصر) المستشار تركى آل الشيخ، شارك فيها العديد من المطربين والمطربات العرب والمصريين، وقاد الفرقة الموسيقية وليد فايد والإشراف الفنى للموزع وعازف الكمان الموهوب يحيى الموجى.

فى الحفل استعدنا عشرات من الألحان لأم كلثوم وعبدالحليم وفايزة أحمد ووردة ومحرم فؤاد وغيرهم بأصوات شيرين وأنغام وعبادى الجوهر وماجد المهندس ووائل جسار ومى فاروق وصابر الرباعى وعازف البيانو العالمى رمزى يسى، وعُرض أكثر من لقاء مسجل للموجى واستعدنا صوته فى أغنياته القديمة.

«الموجى» هو مزيج من الإبداع الفطرى، والموهبة الربانية؛ ألحانه هى الإحساس أولاً، وثانيًا وثالثًا، كانت النغمة تطارده قبل أن يمسك بالعود ويشرع فى اقتناصها، إلا أنه فى البداية لم يكن يستطيع على وجه الدقة تحديد اسم المَقام الموسيقى، وفى توقيت ما حاول أن يتعلم كتابة النوتة الموسيقية، إلا أن صديقه عبدالحليم حافظ قال للموسيقيين، اتركوه كما هو، ربما لو أجاد كتابة النوتة لهربت منه التلقائية.

لا أوافق على رأى «عبدالحليم» الذي يرى العلم نقيضًا للموهبة، وعبدالحليم أساسًا تعلم الموسيقى أكاديميًا فى (معهد الموسيقى) وكان يدرس فى قسم الآلات، إلا أن الموجى بفطرته كان قادرًا على أن يصبح هدفًا لأهل العلم من طلاب المَعاهد الذين استطاعوا من خلال دراسة ألحانه الحصول على الماجستير والدكتوراه.

ظل «الموجى» حتى اللحظات الأخيرة ممسكًا بالعود، والأنغام تنهال عليه من السماء، فى أغنية مثل (يا أغلى اسم فى الوجود) لنجاح سلام، منحته الإذاعة الكلمات، كان يقرأها وهو على سلم الإذاعة هابطا من الطابق الرابع، وقبل أن يصل إلى باب الخروج وجَد اللحن كاملاً يداعبه وصعد مجددًا الدور الرابع؛ حيث استوديو التسجيل، ودخلت الأغنية التاريخ كواحدة من أصدق أغانينا الوطنية، بينما على المُقابل فى أغنية (للصبر حدود) أول لحن عاطفى طويل يقدّمه لأم كلثوم، تعثر اللحن مما دفع أم كلثوم لإقامة دعوَى ضده لعدم الالتزام بالموعد المتفق عليه، وأمام القاضى قال له إذن عليك سيادة القاضى أن تصدر أمرًا بإلقاء القبض على المذنب الحقيقى، إنه الإلهام يا سيدى الذي هرب ولا أستطيع الإمساك به.

وضحك القاضى وبعد أيام كان الموجى قد أنهى لحنه (للصبر حدود) أحد أشهَر وأجمل أغنيات (السّت).

«الموجى» وكل المبدعين المصريين تكريمهم فى أى دولة عربية يحمل فى عمقه تكريمًا للوطن، وهذا هو ما ينبغى أن نشعر به وهو ما عشناه بالفعل فى تلك الأمسية الرائعة بالرياض والتي أقيمت على خشبة مسرح (أبوبكر سالم) ولا تزال تعيش فى وجدانى وستظل تنعشنى .. سِحْرُ الموجى عابر للزمن!!